عرفه بالصورة التي تركت في قلبه جبالا من المحبة والانتماء له ، ويوم أن قضى نحبه شهيدا الرئيس ياسر عرفات كان عمر نعمان الريفي لم يتجاوز السابعة بعد ، ولكنه لأنه ياسر عرفات صاحب الحطة والرمز الخالد كبر في قلب نعمان حبه حتى أكبره في وارد حياته .
نعمان منيب نعمان الريفى يبلغ من العمر 12 عاما ، أحب الرئيس الشهيد ياسر عرفات بفطرته ، فوهب لهذا الحب 'مصروفه ' اليومي وجمع منه ما يلزم ليشتري به ورقة بيضاء وألوان مائية ، كي يرسم صورة الشهيد بيده ، وقد فعل وأبدع ، وفي يوم الذكرى الرابعة لرحيل الختيار ، أخذ الصورة وما تبقى معه من نقود الى أحد المطابع ، فطبع منها بمقدار ما معه من مال، ولم ينم ليلة الذكرى وهو يحلم بمسعى 'نضالي' وتعبير صادق عما يختلجه من مشاعر اتجاه الزعيم الكبير.
نعمان الذي وصل المدرسة باكرا من غير عادة وقبل أن يقرع الجرس ، حشد العديد من اترابه ووزع عليهم صورة الشهيد ، وبدورهم تعجلوا الجدران واعمدة الكهرباء وبشجاعة بالغة ، اشبعوا حنين الجدران بصورة الختيار أبو عمار.
وما أن انتهوا من اسعاد انفسهم وتوزيع التهاني على بعضهم البعض بالنصر ، حتى احاطتهم جيبات مدججة بجند تنفيذية حماس ، يقتحمون حرم المدرسة ويطوقون 'الصغار' بالهراوات والبنادق في مشهد يعيد الذاكرة الى أيام الاحتلال الاسرائيلي لذات المدرسة ، يوم كان يحاصرها ليقبض على فدائي ومجاهد ، فتثور الصبية بمشهد دفاعي عنيد حتى تخيب أماني المحتل ويندحر ، إلا أن جند حماس اليوم لا يندحرون بسبب جرأتهم الشيطانية على الدم الحرام ، فما أن شاهدوا صور 'العملاق' تزين الجدران حتى انتابهم الجنون بعينه ، فصاحوا وناحوا وراحوا يهددون الصغار بالضرب والشبح والدبح ، والصغار أمامهم صامدون ، يستغربون مالي هذا القوم يرتعب من صورة 'الرئيس الشهيد' ؟
سؤال لم يجب عليه المرشد التربوي ولا استاذ الرياضيات ، بل الصمت في الغموض مدراة الحكمة.
جاؤوا عناصر حماس يبحثون عن 'الشبل' الذي علق صور مفجر الثورة ، ولم يجدوا غير واحد يدلهم عليه ،فعرفوا نسبه وكنيته واسمه ، وذهبوا الى عائلته محاصرين المنطقة بأسرها ، مدججين بكتائب القسام وعناصر أمنهم الداخلي وشرطتهم ، وما ينقصهم غير قرار هدم منزل نعمان ومنازل 'حمولته' ولكنهم لم يعلنوا عن رغبتهم هذه بعد ، طلبوا الصبي ، ولم يجيدوا له أثر ، حتى ضيقوا الخناق على أهله ، وهنا تدخل من هو اقربهم الى نعمان ليقنعه أن يتنصل من فعلته وينكر أنه هو من علق صورة الختيار ولكنه بوقفة شامخة وجسارة مانعة قال :' لا والله لن اتنكر لما فعلت وسأقول أنني أنا من رفع صورة ابو عمار ، وهذه ليست جريمة'.
وسحب الطفل الى مركز التعذيب وهناك وقف ، وقفة فارس عودة أمام الدبابة الإسرائيلية ، ليقول بثائرة صدره :' أنا من رفع صورة أبو عمار في المدرسة' ولتنزل عليه الهراوات كالمطر ، ولا صوب فيه ولا أنملة من جسده إلا وفيها ضربة عصا ، من جند حماس الذين عميت أبصارهم وبصائرهم من أجل كرسي خسيس ، وفارسي هالك.