تمر الذكرى العشرون لإعلان قيام دولة فلسطين المستقلة، في ظل حالة من الانقسام والحراب الداخلي، وفي وقت تعيش فيه القضية الفلسطينية أسوا مراحلها جراء التناحر المميت على السلطة بين أقطاب النزاع الفلسطيني.
والمتتبع للأوضاع في غزة وهو يستحضر اليوم الذكرى العشرين لإعلان الاستقلال الذي أعلنه الرئيس الرمز ياسر عرفات في المجلس الوطني التاسع عشر الذي عقد في الخامس عشر من تشرين الثاني عام 1988 في الجزائر، أن الواقع الراهن رغم ما يشوبه من ضبابية وتعقيدات قد يدفع الكفاح الوطني خطوة جديدة وجدية نحو هدف الدولة الوطنية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967.
عيد الاستقلال يأتي هذا العام وقد فشلت فيه كافة الجهود الداخلية والخارجية والعربية، والتي كانت أخر فصولها إفشال' حركة' حماس لحوار القاهرة، من اجل إعادة اللحمة للصف الفلسطيني وإنقاذ ما يمكن إنقاذه .
وبطبيعة الحال غزة 'المخطوفة' تخلو من إقامة أية فعاليات بإحياء هذه الذكري ، كما منعت قبل أيام من إقامة مهرجان تأبيني لروح الشهيد الراحل ياسر عرفات في ذكراه الرابعة علي يد حماس المسيطرة علي غزة تحت تهديد وبقوة السلاح
ويقول المواطن ' سعيد عبيد' عن أي استقلال نتحدث فجميع شعوب العالم استقلت باستثناء شعبنا الفلسطيني ، وجميع الدول الاستعمارية انسحبت وأقرت بحرية الشعوب واستقلالها باستثناء إسرائيل، مؤكدا أن الاستقلال أصبح آمرا مفروغا منه.
أما هبة الطالبة الجامعية تقول أعلنا استقلالنا ولم نعش به، ولم نعرف ليوم واحد طعما لهذا الاستقلال، ولكن ما يميزنا أننا أصبحنا من الشعوب التي استقلت، أصبح لنا يوم للاستقلال لتعطل المدارس والجامعات والمؤسسات الحكومية، ولكن لا نعيشه بحقيقته،مشيرة إلي أن هذا الاستقلال لم يكن بالشكل المطلوب، ولم يكن له مكافأة من إسرائيل لنا إلا القتل والقمع والتعذيب بحق أبناء هذا الشعب، رغم الاعتراف الضمني بها، وذلك بقبول قراري مجلس الأمن 242 و338.
وتقول أم خالد' يجب علينا قبل أن نفكر بإعلان الدولة ، أن نفكر كيف نعيد اللحمة والوحدة الى جناحي الوطن ، فمن المستحيل أن تعلن دولة في ظل الانقسام والاقتتال الداخلي، فقيام دولة فلسطين صعب للغاية خاصة في هذه الأيام الحرجة والتي أعادت القضية الفلسطينية إلي مئة سنة إلي الوراء.
مطالبة حماس العودة إلي القاهرة، والتزامها بالحوار الوطني الفلسطيني الشامل الذي هو السبيل الوحيد لحل كافة الخلافات الداخلية والمصالحة وطريقاً للشراكة من أجل تحقيق مصالح وأهداف الشعب الفلسطيني.
الشاب ' قاسم' يبدي نوع من السخرية ويقول' : عن أي استقلال نتحدث، وأي استقلال ونحن نعيش في انقسام وتفتت ودمار وغياب الحب والتفاهم والتسامح بين الإخوة، متسائلاً: كيف يكون لنا استقلال ونحن تفرقنا الأهداف،فنحن بعد الرابع عشر من حزيران 2007 نعاني من دمار وقتل من عناصر امن حماس المسيطرة علي غزة، فهل هذا استقلال أن تحول حماس غزة إلي إمارة إسلامية لها،لتنفذ أهداف إيران في غزة، مشيرا إلي أن الاستقلال الفلسطيني لن يكتمل بغير الديمقراطية، فحرية الوطن تفقد معناها في ظل غياب حرية المواطن المفقودة في غزة، فمن يفقد دوره يفقد مبرر وجوده.
من جانبه دعا الناطق باسم الحركة احمد عبد الرحمن بمناسبة الذكرى العشرين لإعلان استقلال دولة فلسطين،الجماهير الفلسطينية في الداخل والشتات إلى الالتفاف حول منظمة التحرير ومساندة برنامجها في الحرية والاستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية.
وقال عبد الرحمن ' حركة فتح وسائر فصائل الحركة الوطنية الفلسطينية في إطار منظمة التحرير الفلسطينية ستواصل النضال مهما طال الطريق ومهما غلت وارتفعت التضحيات وكثرت الصعاب حتى تحويل إعلان استقلال'.
وأضاف 'تؤكد فتح أن الوحدة الوطنية الفلسطينية واستقلالية قرارنا الوطني وترسيخ برنامجنا الوطني كما أقرته أطرنا ومؤسساتنا الوطنية والشرعية عام 1988 يمثل الأساس الصلب والمشروع الذي لا بديل عنه لدحر الاحتلال'.
وحمل 'حماس' المسيطرة على قطاع غزة منذ 18 شهرا المسئولية الكاملة عن استمرار إفشال المسعى المصري لاستعادة الوحدة الفلسطينية وإنهاء حالة الانقسام الداخلي.
وقال ' هذه الحالة (الانقسام) ألحقت وما زالت أفدح الأخطار بعدالة قضيتنا وشرعية نضالنا خضوعا لأجندات إقليمية وإملاءات خارجية وتنفيذا لمشاريع وهمية بإقامة إمارة انفصالية في غزة حتى ولو كان الثمن تهديد وحدة شعب وارض فلسطين'.
من جانبه أكد تيسير خالد ، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أن القوى والهيئات والشخصيات الوطنية والديمقراطية والإسلامية ، تتحمل في هذه الظروف المصيرية مسؤوليات عظيمة بالتمسك بالوحدة الوطنية والدفاع عنها باعتبارها صمام الأمان لبلوغ أهداف النضال في التحرر من الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
ودعا خالد حماس بشكل خاص الى 'احترام هذه المناسبة الوطنية المجيدة والى تبني إعلان الاستقلال باعتباره يوما وطنيا لجميع ابناء الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج ', محذرا من الاستهانة برهان حكومة إسرائيل على حالة الانقسام ، التي تعيشها الساحة الفلسطينية ، لمواصلة سياستها العدوانية التوسعية ضد الشعب الفلسطيني ، بدءا بالحصار الظالم على قطاع غزة والعقوبات الجماعية المحرمة دوليا ، التي تفرضها على ابناء الشعب الفلسطيني في القطاع ،
بدورها دعت اللجنة المركزية لجبهة التحرير الفلسطينية بمناسبة الذكرى العشرين لإعلان وثيقة استقلال دولة فلسطين، جماهير ' شعبنا الى تواصل فعالياتها الوطنية في هذه المناسبة ورفع علم فلسطين وفاء لكل الشهداء القادة ، داعية جميع الفصائل والقوى الى استلهام المعاني العظيمة لهذه الذكرى بالعودة الى رحاب الوحدة الوطنية ضمن إطار منظمة التحرير الفلسطينية ومراجعة مواقفها من الحوار الوطني الشامل والعودة الى طاولة الحوار دون شروط مسبقة وبعيدا عن المناورات السياسية ، التي أصبح واضحا أنها ترهن القرار الوطني الفلسطيني المستقل في حسابات قوى إقليمية ، تسعى لتوظيفها في تحسين مواقفها ومواقعها التفاوضية في سياق الرهان على تطورات إقليمية ودولية ، تعتقد انها تصب في خدمة مصالحها الخاصة .'
منذ ذلك اليوم، مرت عشرون سنة على إعلان استقلال دولة فلسطين، وعاصمتها القدس الشريف، وعلى مسافة أربعة أيام من مرور الذكرى الثالثة لرحيل صاحب الإعلان التاريخي القائد الرمز ياسر عرفات، مازال سؤال يحتاج إلي إجابة واضحة متى ستقوم الدولة ويحقق الشعب الفلسطيني حريته واستقلاله...؟